موازين القوى في الشرق الأوسط
محاضرة سياسية:
للدكتور جاك /ف .
لقد كانت هذه المنطقة دائماً معبراً استراتيجيا يشد اهتمام القوى في كل عصر، ولأسباب
واضحة : فحوض البحر المتوسط يصل بين قارات ثلاث : أوربا ، وأفريقيا ، وأسيا . وهذا مفترق طريق للعلاقات الدولية ، والممرات الموجودة به لها أهمية إستراتيجية ، ذلك لأنها تسمح للأساطيل والقوات بالتحرك بين البحار المختلفة ، التي كانت لها دائماً أهمية كبرى . وأخيرا فهذه منطقة الإمدادات البترولية الأكثر أهمية بالنسبة للعالم الغربي.
ومنذ عدة عقود، وتاريخ هذه المنطقة هو تاريخ العلاقات بين نهضة القومية العربية وبين الدور الذي كان دائماَ هاماً للقوى العظمى الخارجية.
فالعالم العربي يطمح إلى أن يصبح كياناً سياسياً واقتصادياً رئيسياً على صعيد العلاقات الدولية: ولكن العالم العربي شديد الارتباط باللعبة السياسية والاقتصادية للقوى الخارجية بدرجة تتعارض مع إمكانية أن يعيش
حياته الخاصة..
] إذن، ماذا كان عليه تاريخ هذه المنطقة حتى وقتنا هذا ؟ يوجد أولاً عصر القوى الأوربية . كان الشرق الأوسط في أيدي تركيا وفرنسا وانجلترا . حيث كانت تركيا القوة الوصية على الشرق الأوسط
منذ القرن السادس عشر، وظلت كذلك حتى عام 1920، وكان النضال ضد الإمبراطورية العثمانية والذي
شنته الحركات القومية الأولى نقطة تحول بالنسبة للقومية العربية فيما بعد . وقد ضمنت انجلترا لنفسها وجودا
عسكرياً وسياسياً قوياً في هذه المنطقة من آجل تأمين الطريق إلى الهند، ومن آجل حماية مصالحها في قناة السويس
بمصر ، ومن أجل تطوير نفوذها في شبه الجزيرة العربية . أما فرنسا ، المدافعة عن المجتمعات المسيحية
في الشرق الأوسط ، ومستعمرة المغرب والبلدان البحرية التي كان لأسطولها حضور دائم وبارز في حوض المتوسط . فقد كانت تبدو نشيطة وذات نفوذ، بنفس الدرجة، في تلك المنطقة]