ندوة مركز دراسات المستقبل ودراسات التماس
قطع الطريق أمام دارفور أخرى ..!!
الخرطوم: عباس محمد ابراهيم - متوكل البحيري
الصحافة
الثلاثاء 21 يونيو 2011م
البحث عن باب للخروج من الازمة الناشبة منذ نهاية الاسبوعالاول من
يونيو بجنوب كردفان هو الهم الاول الآن وسط القطاعات الحية كافة
بالمجتمع السوداني، تختلف الدوافع من كل طرف الا ان الجميع يتفقون
حول مفردة واحدة هي (لا للحرب) لن نتوقف كثيرا عند صدقية من
ينادون بذلك الشعار فالحرب ملعونة ورفضها محمود.
امس احتشد عدد كبير من المهتمين والمراقبين للشأن السياسي بالسودان
بقاعة مركز دراسات المستقبل بالخرطوم ، لمتابعة ندوة بعنوان « جنوب
كردفان الازمة ومقترحات الحلول» حملت ديباجتها ثلاثة من المتحدثين
دكتور محمد محجوب هارون، اللواء خميس جلاب ودكتور كبشور كوكو
غاب الثاني عن الحضور وكان يقابلهم العدد ذاته من المعقبين، تعذر
حضور احدهم وشارك الاثنان الآخران وهما رئيس حزب العدالة مكي
علي بلايل ودكتور عبيدالله محمد عبيدالله .
«الصحافة» قامت برصد ما جاء من افادات ومداخلات من المشاركين
والحضور، لكننا نتوقف قبل ذلك عند بعض الملاحظات فالندوة التي
ادارها مدير مركز دراسات المستقبل دكتور ربيع حسن احمد ونبه في
معرض الاحاطة المختصرة والمتينة التي طرحها قبل ان يترك الفرصة
للمتحدثين حول الازمة بجنوب كردفان دعا المشاركين بعدم الخروج عن
الموضوع وعدم اتخاذ المنبر للدفاع عن جهة والهجوم على اخرى مناديا
بالتنقيب عن حلول كديدن عرف به المركز ومنبره الا ان دعوته لم تلاق
حظها من المتحدثين سوى المتحدث الاول:
الدكتور محمد محجوب هارون الذي قدم كبسولة مختصرة ، الامر الآخر
كانت اجهزة الصوت بالمركز نقطة الضعف الاولى.
نحن البلد الوحيد في العالم الذي يملك اطول خبرة في ادارة الحروب
الاهلية، هذه العبارة الساحرة اطلقها الدكتور محمد محجوب هارون في
معرض حديثه امس الذي اشار فيه الى ان جنوب كردفان تعيش أزمتين
باعتبار ان الأزمة بين حكومة السودان ودولة الجنوب التي ينتظر
ميلادها بعد اقل من ثلاثة اسابيع حول منطقة أبيي لا يمكن فصلها عن
منظومة جنوب كردفان قبل ان يقفز الى الازمة الثانية محل النقاش والتي
تدور فيها الآن المواجهات المسلحة بين الحركة الشعبية والقوات
المسلحة بجنوب كردفان منذ الخامس من يونيو الجاري لافتا الى ان
الاحداث الاخيرة لديها عاملان أساسيان العامل الأول هوالخلاف في
نتائج الانتخابات الأخيرة التي شهدتها الولاية وكان التنافس فيها منحصرا
بين مرشح الحركة الشعبية عبد العزيز الحلو ومرشح الحزب الحاكم احمد
هارون وما اعقبها من رفض الاول لنتيجة الانتخابات وعدم قبولهم بها
ولم يلجأوا الى القضاء مشيرا الى ان الموقف الاخير سبب حالة من
التوتر والترقب الا ان القوى السياسية باكملها داخل الولاية اقرت بالنتائج
ومضي هارون في تشريحه لمسببات الازمة الى ان الجميع لم يكن
يتوقع ان تصل الاوضاع الى هذه الدرجة لكنه اوضح ان الترتيبات الامنية
التي حددت مداها الزمني اتفاقية نيفاشا في 2005م ووضعت الطرق
لكيفية تسوية الملف ومواقيته داخل نصوص عديدة كانت عاملا آخر
لتأزيم الاوضاع واعادت سماع صوت الرصاص بعد فترة جيدة شهدتها
جنوب كردفان في العامين الماضيين وشبه استقرار امني كامل ،لكنه
اضاف بان ما حدث بجنوب كردفان مرتبط باجندة لها علاقة بدولة
الجنوب الوليدة قبل ان يتابع القول لكنها امور تحتمل الاخذ والرد، وزاد
ايضا الامر يرتبط بالحلو وشعاره المرفوع وهو من اجل علمانية الدولة
واسقاط نظام الحكم بالخرطوم وقال (اذا صح ذلك يكون قد اضاف عوامل
اخرى غير موجودة في الحسبان.)
واضاف هارون ان الامريخلق عدم الارتياح والرعب وسط المواطنين
المتضررين للنزوح للبحث عن ملاذ آمن موضحا ان بعض المناطق
اوشكت ان تضحى معسكرات للنزوح حول كادقلي، وفي توصيفه للوضع
الآنيوالمستقبلي اتخذ عاملين اسماهما بالظرفي والاساسي، جاء تحت
العامل الظرفي آثارالحرب على الاوضاع المعيشية والاقتصادية التي
سيعاني منها المواطنون والولاية بالكامل معضضا ذلك بان الاحداث التي
تجري بالولاية جاءت متزامنة مع فصل الخريف وهوالفصل الذي يشهد
نشاطا اقتصاديا بسبب انشغال جميع السكان بالزراعة داخل الولاية التي
يقدر ساكنيها بـ 3 ملايين نسمة وقال ولاية جنوب كردفان نشاطها
الرئيس هوالزراعة والرعي وأي مواطن الآن تجده قد قام بتجهيزاته
للزراعة والآن باتوا (مطبقين) اياديهم دون ان يعلموا ماذا يعملون؟
مناديا بالنظر الى الامر بشكل جدي رغم اقتصاره على البعد المحلي ،
وتابع اما البعد القومي بالولاية التي اشرنا الى ان اعتمادها على الزراعة
بجانب ظهور عمليات تنقيب الذهب التي جذبت اعدادا كبيرة من الشباب
الذين ذهبوا يمنون النفس بالرجوع غانمين تراوحت فترة غيابهم ما بين
ثلاثة الى اربعة اشهرمنهم من لقي مصرعه بسبب الاحداث الاخيرة،
وآخرون عادوا خائبين هذا جانب بالاضافة الى ان الامر يهدد ايضا جهود
الحكومة التي تريد ان تقايض فاقد البترول من الذهب،واستمرار العنف
بالمنطقة ايضا سيحولها الى متلقية للاغاثات بدلا من ان تكون رافدا
للحبوب كما هو معروف عنها وسيتحول مواطنوها الى سكان معسكرات
تنقل صورهم الفضائيات بالاضافة الى ان موسم العودة الى المدارس
سينقطع بعد ان عاد بسبب الاستقرار وهومهدد للاطفال الصغار بجانب
الاوضاع الصحية، كل ما سبق يشير الى ان الظرف غير ملائم لاندلاع
حرب.
اما العامل الاساسي فتطرق الى فكرة عودة الحرب من اساسها والتي
بدأت في عام 1955م لحظة انطلاق مسلسل الحرب التي شهدت في
السبعينات استقرارا نسبيا قبل ان تندلع مرة اخرى عبر سلسلة من
الحروب لافتا الى انه لا توجد دولة في العالم بها بعثتان دوليتان لحفظ
السلام، ما يضعنا امام امر محدد هو تحديد السؤال وطرحه على انفسنا
ما الذي نحتاجه نحن وعلينا ان ننظر للعالم كيف يسير حتى نرافقه
موضحا ان الفرد بات يحمل بندقيته ويحارب مطالبا بان يتوقف وينظر
الاشكاليات ليعلم ان القتال والحرب لم نجن منها إلا الكراهية ، بعدها
وضع عددا من المسارات للخروج من الازمة الناشبة بالاقليم جاء على
رأسها قفل الطريق امام الحرب والعودة الى الحوار والبحث عن كل السبل
لايقاف القتال بجنوب كردفان بجانب الابتعاد عن العنف لان الشمال
والجنوب بجانب قبائل المسيرية والدينكا ليس لديهم مصلحة في الحرب
ولا بد من الاقبال نحو تأسيس توأمة وشراكة الشمال والجنوب وبين
الدينكا والمسيرية لافتا الى انها الاقرب والامتن تدعمها الكثير من
الشواهد ، وحذر من الانجراف نحو العنف لان الامر يمهد الطريق امام
التدخلات الدولية ويقدم اغراءات واسعه لذلك ، داعيا المواطنين بمختلف
شرائحهم الا يتوقفوا متفرجين وعليهم الانخراط داخل حملة واسعة
بشكل تلقائي تستنكر العودة الى الحرب ، وتشكل عامل ضغط ضدها
لانها لعنة ووبال ودعا ابناء جنوب كردفان بشكل خاص الى التصدي
قبل ان تتحول الى دارفور لافتا الى ان الازمة الحالية يمكن الخروج منها
وتجاوزها محذرا من ترديد الحديث عن وجود تطهير عرقي والتوجه
نحو ايقاف الحرب لان تلك النغمة تعد موسيقى يطرب لها الغرب على
حد قوله .
بعده انتقلت المنصة للدكتور كبشور كوكو مقدمة الاعتذار عن غياب
المتحدث الثالث، وابتدركوكو حديثه لافتا الى ان تعدد الانقسام في
السودان موجود داخل جنوب كردفان الوليدة موضحا انها شهدت توقيع
(4) اتفاقيات، وقال ان عبد العزيز الحلو أفصح عن دوافعه المتمثلة في
علمنة الدولة التي شدد على انها الغاء للحكم بالشريعة الاسلامية بشك
لصريح قبل ان يشير الى الاهداف التي يدعو لها الحلو وهي التداول
الديمقراطي وتفكيك نظام الخرطوم وتندر قائلا اذا كانت حرب الجنوب لم
تستطع ان تحقق العلمانية او اسقاط نظام الحكم فكيف للحلو ان ينال
ذلك عن طريق حمل السلاح بجنوب كردفان ، ومضى قائلا: ان اهدافه
تتناقض فالتداول الديمقراطي كيف نجد له تفسيرا في ظل اعتقال تلفون
كوكوموضحا ان ما يعنيه الحلو من تفكيك النظام هو تفكيك النظام من
الداخل بدلا عن الانتفاضة، وتابع: ما يعني ان ما قاله الحلو ليس له
صلة بمواطني جنوب كردفان، واضاف لحسن الحظ كثيرون من ابناء
النوبة في الحركة الشعبية رفضوا ان يكونوا وقودا للحرب،وشدد اذا
تحدثنا عن موضوع العلمانية وتفكيك النظام فان الحلو يريد ان يعالج
مرضا غير موجود.
ودفع بسؤال هل كان من الضروري ان تقطع هذه المسافة بالجياد
والدبابات لنصل للحرب، بعد ان حققنا الكثير عن طريق الحوار ؟.
لكنه حمل الاسباب الى اجندة الجنوبيين والشيوعيين، وعما يقال
بجبال النوبة بانها غير مستقرة في التنمية، قال ان هناك صناديق
الاعمار والمشورة الشعبية التي اعتبرها فرصة إلى اعادة تقييم الاوضاع
وتوفير خدمات التنمية.
اما المعقب الاول دكتور عبيدالله محمد عبيدالله فقال ان هنالك أربعة
مسلمات الاولى توجد داخل اتفاقية السلام التي أوجدت ومهدت إلى
حالة من الانفراج في جنوب كردفان وجنوب السودان لافتا الى ان
وجود الحركة الشعبية قبل السلام لا يمثل نسبة كبيرة ولكنها حصلت
على تمثيل وصل الى 45% عند المشاركة في الاجهزة التشريعية
بنص الاتفاقية .
والمسلمة الثانية: ان عملية السلام هنالك اوجدت قبولا للتنمية وساهمت
في الاستقرار والثالثة يجب الا يهدف ابناء جبال النوبة الى اسقاط
النظام رغم ان الهدف مشروع لكنهم يملكون اتفاقا بجانب ان ولاية النيل الازرق وجنوب كردفان فيها افراد تابعين للحركة الشعبية وهم ابناء من
الشمال لا يجب النظراليهم كونهم جنوبيين ونادى بوجوب اجراء حوار
داخلي سريع ونسيان المرارات وعدم فتح الابواب للوساطة الخارجية،
العمل سريعا على تقديم المساعدات الانسانية لان الاوضاع الانسانية
قد تؤدي الى تدويل القضية عن طريق المنظمات بجانب ايقاف دور
الاعلام السالب الذي يغذي نيران الحرب بدلا عن اخمادها.
من جانبه قال رئيس حزب العدالة مكي علي بلايل ان الازمة تحتاج
إلى كثير من التحليلات من المظهر السياسي والامني والانساني والنظر
السياسي ومحاصرة الاجندة لافتا الى ان اجندة الشيوعيين هي التي زكت
الصراع، واضاف فيما يتعلق بالمظهر الانساني، فان المنظمات الصغيرة
غير كافية لان الازمة هناك تحتاج إلى جهد كبير، وتابع في البعد
السياسي يظهر قصور الاتفاقية متمثلة في ازمة ابناء جبال النوبة داخل الجيش الشعبي.
::::::::